قلب لاسلكي يعمل بمضخات يجعل المرضى يستغنون عن عمليات الاستزراع



قلب ديك تي لا يدق! قد يكون ذلك مثار لنكتة سياسية، بيد أن هذا الأمر جد خطير بالنسبة لرجل شغل منصب نائب رئيس أمريكي أسبق. إن مستر تشيني واحد من آلاف الأشخاص حول العالم الذين خضعوا لعملية زراعة ”جهاز مساعدة الأذين الأيسر” (LVAD) في القلب. وأجهزة LVAD عبارة عن مضخات ميكانيكية تحمل الإرهاق بعيدا عن قلب يعاني من القصور عن طريق تحريك الدم بلطف حول الجسم دون توليد نبض. وصارت هذه الأجهزة أصغر حجما وزاد الاعتماد عليها والثقة فيها على مدى سنوات منذ استخدامها لأول مرة في عام 1994. تم تصميم هذه الأجهزة في الأساس كبديل مؤقت للحفاظ على المريض حيا لبضعة شهور إضافية، حتى يتسنى العثور على قلب مناسب يمكن زراعته. لكن أدى إدخال مزيد من التحسينات في التقنية، ونقص المتبرعين بالأعضاء، إلى زيادة الاعتماد على هذه الأجهزة على المدى الطويل.


وكانت إحدى الجوانب التي لم تنقل قسطا وافرا من التحسن يتمثل في إمدادها بالطاقة. إن هذه المضخة تتطلب كبلا كهربائيا يُدعى خط التشغيل أو الدفع driveline وهو الذي يقوم بالتشغيل عبر جدار البطن إلى مجموعة بطارية أثناء عملها. تجدر الإشارة إلى أنه يجب ارتداء هذا الجهاز طوال الوقت، وهو يعمل على إعاقة الحركة ويزعج مرتديه أثناء الاستحمام (ولا يمكن السباحة به) ويعوق عن القيادة؛ حيث إن أي حادث بسيط يؤدي إلى تحركه من مكانه قد يودي بحياة المرء.

والأهم، فهو مصدر ثابت للعدوى. وتقل مخاطر العدوى على مدار الوقت في كل الأجهزة الطبية التي يتم زراعتها مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب واستبدال مفصل الفخذ. لكن خط التشغيل المذكور يجذب الجراثيم من العالم الخارجي، ثم يقوم LVAD بإدخالها مباشرة إلى مجرى الدم بما يسمح لها بالانتشار سريعا. ونتيجة لذلك، يجب إعادة تضميد خط التشغيل كل يوم باستخدام القفازات والشاش المعقم. وبرغم ذلك، فإن كل شخص مزروع له جهاز LVAD يمر بعدوى كل 12 إلى 18 يوما. ويتسم العديد من هذه العدوى بالخطورة. وبعضها قد يؤدي إلى الوفاة.

ويأمل جوشوا سميث، وهو مهندس بجامعة واشنطن، وبرامود بوند، وهو جراح قلب بجامعة بيتسبرج، بعمل شيء لتغيير ذلك. وقد قاما بتطوير أول مضخة قلب لاسلكية في العالم تعمل دون خط تشغيل. وتم الإعلان عنها رسميا في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية لجراحة الصدر الذي عُقد في أيار (مايو) الماضي. ويتم إمداد نظام توصيل الطاقة الكهربائية الرنان حر المدى FREE-D بالقدرة من خلال الحث. وبشكل محدد، يقوم هذا النظام باستغلال ظاهرة تُدعى الإقران الرنان، حيث يمكن للملفات المعدنية، التي تبث رنينا عند نفس التردد الكهربائي، أن تتبادل الطاقة بشكل فعال. يمكن لملف إرسال، قطره 26 سم، أن يبث حتى 15 واط من القدرة إلى ملف استقبال بعرض 4.3 سم فقط. ولذا يمكن أن يتم ارتداء ملف الإرسال في صدرية تحمل أيضا مجموعة بطارية بينما يتم إدخال جهاز الاستقبال بصورة لطيفة في صدر المريض.

من الممكن للجهاز الذي صممه الدكتور سميث أن يعوض عن التغييرات التي تحدث في زاوية أو وضع الملفات، بما يسمح للمستخدم بالتحرك بحرية. ويقوم الدكتور سميث بتصميم أسرِّة ذات ملفات إرسال مدمجة، بما يسمح للمرضى بالنوم دون صدرية، بل وغرف كاملة بالمستشفيات (أو بيوت) تشتمل على ملفات يتم إخفاؤها في الجدران والأسقف.

ولا يمكن تحقيق هذه التحسينات في الحال، حيث تشير تقديرات المعهد القومي الأمريكي للقلب والرئة والدم إلى أن أكثر من 50 ألف أمريكي يحتاجون سنويا إلى عملية زرع قلب أو LVAD. ورغم ذلك، يتم إجراء أقل من 2.500 عملية زرع قلب في البلاد كل عام، بل إن عدد عمليات زرع LVAD أقل. وبينما من غير المرجح أن يزيد عدد المتبرعين بالقلب، يتضح لنا مدى الحاجة إلى تقنية LVAD أفضل.

ولكن، مضخة القلب اللاسلكية التي طورها كل من الدكتور بوند والدكتور سميث لن تتوافر قبل بضع سنوات. وتبقى التحديات الفنية، بما في ذلك دمج بطارية احتياطية مانعة للتسريب داخل الجهاز وتصغير إلكترونيات التحكم لـ FREE-D. بل وعندما يتم حل تلك المشكلات، سيتحتم أن يخضع الجهاز لتجارب إكلينيكية قبل أن يتم الحصول على ترخيص بطرحه للبيع.

إذا كان هناك من درس يمكن أن نتعلمه من تاريخ البحث الطبي، فهذا الدرس يتمثل في أن الظروف التي تؤثر في أصحاب المال والنفوذ مثل مستر تشيني تواجه صعوبة أقل في جذب الأموال اللازمة لتطوير وتحسين علاجات جديدة. وفي بضع سنوات فحسب، يمكن أن يمتلئ العام بآلاف من السياسيين السابقين الفعالين الأثرياء الذين يحملون قلوبا بلا دقات.

المصدر: http://www.doctorsworld.us

0 التعليقات: