النصب الإلكتروني








بقلم - هشام صافي

لم تعد عمليات النصب والاحتيال تمارس كما عهدناها قبل عدة عقود، بسيطة وساذجة أحياناً، تعتمد على مفردات باتت غير مستخدمة في عصرنا الحالي، وترتبط بالشخص الذي يمارسها، خاصة في الجانب الأخلاقي من شخصيته . ووسائل مجابهتها تغيرت هي أيضاً، بعد أن كانت تعتمد على فطنة المستهدف، وتستند أكثر إلى الرفض الاجتماعي للشخص النصاب باعتباره يأخذ ما لا حق له به، ما يثير غضب الناس عليه واتخاذهم موقفاً منه يرفض سلوكه ويحاربه، هذا الرفض المجتمعي نكاد نفتقده في حاضرنا، مع توسع العلاقات الاجتماعية، وتحلل الروابط الإيجابية بين الناس، وسيادة مبدأ ''وأنا مالي''، نقيضاً للنخوة ونصرة المظلوم وصاحب الحق وكلها سلوكيات ارتبطت بشكل أو بآخر بناس زمان، ويفتقدها كثيرون من ناس اليوم .
عمليات النصب اليوم باتت تمارس ليس مباشرة بين البشر كما كانت في الماضي، بل يتفنن فيها بعض ممن باتوا يجيدون التعامل بالشبكة العنكبوتية التي تغطي كل أنحاء العالم شرقه وغربه، شماله وجنوبه، غنيه وفقيره، كلهم سواء يستخدمون شبكات الاتصال والتواصل الاجتماعي الدولية، منهم من يطوعها لخدمة البشرية، وآخرون يسخرونها لتحقيق مآربهم الخاصة .
ومواجهة عمليات النصب الإلكترونية لا تتطلب الاعتماد فقط على الجهد الحكومي في هذا المجال، لأنه سيبقى متواضعاً ومحدود الفاعلية إن لم يسانده جهد شعبي غير محدود .
مستخدم الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي بالتحديد، يجب أن يكون حريصاً على الاحتفاظ بالمعلومات الشخصية الخاصة به غير متداولة حتى لا يساء استخدامها من قبل البعض، ومهما تلقى من إغراءات يجب أن يحرص على سرية بياناته .
في المرور قاعدة تقول إن على السائق افتراض أن يأتي الخطأ من غيره فيزيد حرصه، وبذلك يتقي وقوع الحوادث المرورية، وهي سليمة وقريبة من الحقيقة، وصالحة للتطبيق في مجال التواصل الإلكتروني بين الناس، فيجب أن نتشكك في كل ما يصلنا من رسائل مجهولة المصدر، ونتعامل معها بمنتهى الحرص، ولا ننخدع بسهولة فيما تحاول رسمه من أحلام يتمناها كل إنسان، لأنها ببساطة ستبقى مجرد أحلام ولن تكون واقعية على الإطلاق، وكل ما سندفعه للحصول على الأوهام سيصبح خسارة علينا لا تعوض .
ومن شاء حظه العاثر أن يقع فريسة لعملية نصب عبر شبكة الانترنت، عليه ألا يخجل من كونه كان ضحية سهلة، ويخجل من فعلته، كما كان يفعل نظيره ضحية النصب والاحتيال عبر الهاتف، أو الاتصال المباشر مع الدجالين والنصابين، فحياؤه لن يعيد له ما فقده، وعليه أن يبلغ الشرطة بالتفاصيل، لتتمكن من ضبط النصابين الإلكترونيين، ومنعهم على الأقل من الإيقاع بضحايا جدد، إلى جانب ضرورة حصولهم على ما يستحقون من عقاب .

* نقلاً عن صحيفة الخليج .

0 التعليقات: